الأحد، 17 يوليو 2011

إلى صاحبة المطبخ في رمضان



الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم  ... وبعد

يا صاحبة المطبخ أهمس في أذنيك ... اسمعي :

أعرف أنك ستبذلين جهدك في المطبخ لتُري مهارتك في تنويع المأكولات ،
ولا تلامي في هذا ، فهذا من الفطرة السليمة ، وهي عنوان أنوثتك
لكن إياك أن تجعلي هذا هو همك الأول ، بل ارفعي من همتك ،واجعلي نيتك نية أرفع وأسمى ،تعرفين أنه من أفطر صائما فله أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا
فاجعليها نيتك ، واحتسبي وقتك الذي تقضينه في المطبخ لله فتأجري

لك مني هدية برنامجا رائعا :

1- يبدأ عند النوم : بقراءة سبحان الله 33 مرة ، والحمد لله 33 مرة ، والله أكبر34 مرة كما الصحيحين أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي  صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال ألا أخبرك ما هو خير لك منه تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله أربعا وثلاثين "‏
يستفاد من الحديث الشريف أن من يقول هذا الذكر عند النوم يقوى على العمل في النهار

2- السحور : وهو بركة ، إياك أن تغفلي عنه ، في الصحيحين عن النبي  صلى الله عليه وسلم "تسحروا فإن في السحور بركة ، وفي مسند أحمد عنه  صلى الله عليه وسلم : "إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين "

3- صلاة الفجر في وقتها

4- الجلوس في مصلاك حتى الشروق تقرأين القرآن ، وتسبحين الله وتذكرينه ... ثم صلي على الأقل ركعتين... قال عليه الصلاة والسلام : "من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين ، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة"(أخرجه الطبراني)

5- الطبخ في الصباح الباكر أحسن من الطبخ في وقت الظهيرة فما فوق ، فهناك العديد من النساء ييبدأن من وقت الظهيرة ، وعند صلاة الظهر ، والعصر إما لا تصلي في الوقت ، وإما تجمعهما ، وإن تصليهما وبالها مشغول في طبخها ، فتصلي صلاة بلا خشوع ، والرواتب تتركها لضيق الوقت
وبالعكس لو بدأت التحضير في الصباح الباكر يكون عندك متسع من الوقت ، وصلاتك بإذن الله لن يكون فيها تشويش الطبخ 


6- أوصيك بالقيلولة : وعلى الأرجح هي قبل الظهر بقليل ، ترتاحي فيها قليلا لتجمعي قوتك

7- الصلاة في وقتها ، ولا تنسي صلاة الرواتب

8- الحمد لله أكملت طبيخك باكرا ، وتركت اللمسات الأخيرة من تزيين للمائدة ، والصحون قبل الأكل ، لا تنسي أن تغيري ملابسك قبل تزيين المائدة ، فأنت أحق بالتزيين ، خاصة إذا كنت ذات زوج ، وإياك أن تقابليه برائحة البصل والثوم والدهون
فكما قلت لك باعتمادك على الطبخ في أول النهار يساعدك على اكتساب وقت إضافي فلا تهملي نفسك

9- عند الأذان لا تنسي الدعاء المأثور "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله"(سنن أبي داود)

10- ولاتنسي ابدئي بما بدأ به نبينا  صلى الله عليه وسلم فهو قدوتنا كان  صلى الله عليه وسلم  يفطر على رطبات فإن لم يجد فعلى تمرات فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء

11- صلي المغرب في وقته ولا تنسي راتبة المغرب

12- ثم صلاة العشاء والتراويح

13- إن كان لك جهدا في الليل لقراءة القرآن فما شاء الله ،وإن كانت قوتك ضعيفة ، ولا تستطيعي أن تكثري فاقرئي ولو جزئا يسيرا ونامي ، لأنه لنفسك عليك حقا


 
وهذه بعض الوصايا لك أخيتي :

1- أقللي من المكوث في المطبخ ، وكوني رياضية خفيفة في الطبخ ،فرمضان شهر الصيام لا شهر الطعام

2- إياك والإسراف فى الطعام والشراب وقد نهينا عن ذلك قال الله تعالى في سورة الأعراف :"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"

3- اجعلي طبخك فيه غذاء صحيا متكاملا ، فهذا يساعد على الطاعات

4- لا بأس بأن تذوقي الطعام للحاجة , ولكن لا تبتلعي شيئا منه, لا يفسد بذلك صومك .

5- استحضري النية في طبخك "من فطّر صائما كان له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجره شيئا"(الترمذي وغيره)

6- أكثري الذكر والتسبيح والاستغفار أثناء طبخك وليكن لسانكِ رطباً من ذكر الله عز وجل

7- استمعي للقرآن والمحاضرات عبر جهاز التسجيل.

8- أقللي من المصاريف المالية وكوني كيسة في التصرف بالأموال

9- التزمي التجديد فى أصناف المأكولات والمشروبات وابتعدي عن الروتين

10- احرصي على قراءة القرآن الكريم كل يوم خاصة في الليل فرمضان شهر القرآن

11- تفقدي الجيران في الأكل قال  صلى الله عليه وسلم :"ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه" رواه البخاري في الأدب

12- أطعمي المساكين واليتامى وعابري السبيل

13- اعزمي الأهل والصالحين

14- صلي الرحم ، وجميل أن تأخذي شيئا طبختيه معك عند زيارتك ، أو تساعديهم في الطبخ

15- ادعي إلى الله ، تقربي إلى الله عز وجل في هذا الشهر العظيم بدعوة أقاربك وجيرانك وأحبابك عبر الكتاب والشريط والنصيحة والتوجيه. . قال  صلى الله عليه وسلم . " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " . . رواه مسلم .

16- احذري مجالس اللغو ، واحفظي لسانك منالغيبة والنميمة وفاحش القول والزمي نفسك الكلام الطيب الجميل وليكن رطباً بذكر الله .

17- أكثري من الصدقة ، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ".وذكر منهم"رجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ". متفق عليه ، وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم "يا معشر النساء تصدقن،وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار"رواه مسلم

18- نافسي في الخير ، وحاولي أن لا يسبقك في ذلك أحد ، قال تعالى :"وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" في الخير والصالحات فالجنة درجات

19- كوني جوادة بالخير : في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان النبي  صلى الله عليه وسلم أجود الناس , وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل , وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن , فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة

20-عجلي بالإفطار بعد غروب الشمس مباشرة لحديث سهل بن سعد – رضي الله عنه – عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال :"لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور"رواه الشيخان

21- وعند الإفطار لاتنسي الدعاء قال عليه الصلاة والسلام : ثلاث دعوات مستجابات ، دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة ا لمسافر"

22- لا تكثري من الأكل , لأنه يثقل البدن ويدعو إلى التكاسل عن العبادة وصلاة التراويح وقيام الليل .

23- قومي الليل ، فرمضان شهر القيام : قال النبي  صلى الله عليه وسلم : " من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " ، متفق عليه

24- قللي من النوم فرمضان شهر ويمضي والمكثر من النوم مضيع لوقته ...وتذكري أن المنادي ينادي : "يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر"


أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال , وأن يجعلنا من عتقائه من النار , وأن لا يجعل هذا العام آخر عهدنا برمضان.اللهم آمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

الأمة الفقيرة لعفو ربها أم الليث

السبت، 16 يوليو 2011

أصناف النساء في رمضان


منهن من تقضي جل وقتها في المطبخ فتنشغل عن ذكر الله وقراءة القرآن، ويفوتها الأجر العظيم المترتب على ذلك، وكأن شهر رمضان شهر الأكل والشرب لا شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن. 


ومنهن من ترغب في الصلاة والصيام مع الناس فتتعاطى حبوب منع العادة الشهرية، والأولى أن لا تفعل ذلك، وترضى بما كتب الله عليها، فإن مثل هذه الحبوب لا تخلو من أضرار ذكرها الأطباء، والله عز وجل إنما كتب ذلك على بنات آدم لحكمة يعلمها سبحانه ففي منعها مضادة للفطرة. 


ومنهن من إذا حاضت أو نفست فترت عن ذكر الله وتلاوة القرآن مع أن الحائض يجوز لها على الصحيح من أقوال أهل العلم أن تقرأ القرآن ولكن لا تمس المصحف بل تمسكه بحائل، كما أن بإمكانها قراءة الكتب المفيدة، والاستماع إلى القرآن وغيره من البرامج النافعة من المذياع أو الأشرطة المسجلة وهي متوفرة ولله الحمد، ولها الأجر على قدر نيتها. 


ومنهن من تخرج إلى المسجد لصلاة التراويح لكنها تخرج غير محتشمة قد كشفت ما لا يحل لها كشفه والمرأة كلها عورة، وربما جاءت إلى المسجد منفردة مع سائق أجنبي عنها وهذا من الخلوة المحرمة، فمثل هذه جلوسها في بيتها خير لها. ( وقد عقد الحافظ عبدالمؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله في كتابه: [المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح] فصلاً بعنوان: " ثواب صلاة المرأة في بيتها " ننقله مختصراً: (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { لاتمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن } [رواه أبو داود]. وعنه عن رسول الله قال: { المرأة عورة، وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها } [رواه الطبراني بإسناد جيد]. وعن ابن مسعود عن النبي قال: { صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها } [رواه أبو داود وابن خزيمة]. والمراد أن المرأة كلما استترت وبَعُد منظرها عن أعين الناس كان أفضل لصلاتها، وقد صرّح ابن خزيمة وجماعة من العلماء بأن صلاتها في دارها أفضل من صلاتها في المسجد، وإن كان مسجد مكة أو المدينة أو بيت المقدس، والإطلاقات في الأحاديث المتقدمة تدل على ذلك، وقد صرّح النبي بذلك في حديث أم حميد الآتي. فالرجل كلما بعد ممشاه وكثرت خطاه زاد أجره وعظمت حسناته، والمرأة كلما بعد ممشاها قل أجرها ونقصت حسناتها. وعن أم حميد - امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما - أنها جاءت إلى النبي فقالت: ( يا رسول الله إني أحب الصلاة معك ). قال: { قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي}. قال: فأَمرت فبُنيَ لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل [رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان]. وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد. هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول، فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا؟! ) انتهى كلامه رحمه الله وهو في القرن السابع. 


ومثلها من تأتي إلى المسجد بأطفالها الصغار فلا تسأل عما يحدث بعد ذلك.. فهذا يبكي، وهذا يصرخ، وآخر يجري هنا وهناك، وربما اجتمع بعضهم فحولوا المسجد إلى ساحة للعب والمطاردة، وقد تمتد أيديهم إلى المصاحف فيعبثون بها أو إلى المصلين فيؤذونهم، ناهيك عما يحدثونه من التشويش عليهم. 


ومنهن من تأتي بالبخور إلى المسجد، وهذا أيضاً ممنوع ومنهي عنه. قال : { أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة } [مسلم]، وعن أبي هريرة أنه رأى امرأة متعطرة فقال إني سمعت رسول الله يقول: { أيما امرأة تطيّبت ثم خرجت إلى المسجد لم تُقبل لها صلاة حتى تغتسل } [صححه الألباني].
ومنهن من تأتي إلى المسجد لمجرد قضاء بعض الوقت خارج بيتها أو لرؤية فلانة وفلانة لا من أجل الصلاة، وربما حوّلن المصلى إلى منتدى للأحاديث الخاصة، وقد يرفعن أصواتهن فيسمعهن الرجال. 


ومنهن من لا تعرف أحكام صلاة الجماعة فإذا جاءت إلى المسجد متأخرة وقد فاتها بعض الركعات لا تدري ما تصنع، فربما كبرت بمفردها وصلت ما فاتها ثم دخلت مع الإمام، وربما فعلت غير ذلك، والصواب أن تدخل مع الإمام مباشرة على أي حال كان ثم تقضي ما فاتها بعد سلام الإمام ولا تسلَم معه. 


ومنهن - بل أكثرهن - لا يحافظن على تسوية الصفوف وإتمامها وسد الفرج، وقد يختلفن في الصف المفضل، فبعضهن يتأخرن في الصفوف الأخيرة، وبعضهن يتقدمن إلى الصفوف الأولى، وربما بقي وسط المصلى خالياً، وهذا بسبب اختلاف فهمهن لحديث: { خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها }. والصواب ما ذكره علماؤنا حفظهم الله من أن هذا الحديث إنما يعمل به في حال عدم وجود حاجز يفصل بين الرجال والنساء، أما إذا وجد هذا الحاجز وكان ساتراً، أو كان النساء في دور علوي بحيث لا يراهن الرجال فإن الصفوف الأولى تكون هي المفضلة لقربها من الإمام ومن القبلة، والله تعالى أعلم. 


ومنهن من تتأخر في الخروج من المسجد بعد انقضاء الصلاة حتى يخرج الرجال فتختلط بهم عند المخارج والأبواب، والواجب على النساء المبادرة إلى الخروج فور سلام الإمام، كما أن الواجب على الرجال التأخر قليلاً حتى ينصرف النساء. 


ومنهن - وهذا خاص بالفتيات - من تكون على وشك البلوغ، فيصيبها دم الحيض لأول مرة، تخفي ذلك عن أهلها، وتكمل صيامها وهي على غير طهارة - مع أن صيام الحائض لا يصح - ثم لا تقضي الأيام التي صامتها وهي حائض جهلاً منها أو حياءً، فالواجب على الأمهات التنبه لذلك، كما أن الواجب على من وقع لها مثل هذا أن تقضي تلك الأيام التي حاضتها مهما طالت المدة، فإن جهلت عدد الأيام اجتهدت وعملت بما يغلب على ظنها. 


ومنهن من تذهب مع أهلها إلى مكة، وتُحرم معهم بالعمرة ثم يصيبها دم الحيض فلا تخبر أهلها حياءً أو خوفاً، فتدخل معهم الحرم، وتصلي مع الناس، وربما طافت بالبيت وهي على غير طهارة، فتكون بذلك قد ارتكبت خطأً فادحاً، وعمرتها باطلة حتى تطهر فتطوف بالبيت وهي على طهارة، وعليها التوبة إلى الله مما صنعت.


ومنهن من إذا أحرمت بالعمرة لبست النقاب والقفازين أو أحدهما، والمحرمة منهية عن ذلك لأن إحرام المرأة في وجهها وكفيها فلا تغطيهما إلا إذا كان بحضرتها رجال أجانب فيجب عليها سترهما بخمارها أو جلبابها لقول عائشة رضي الله عنها: { كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - أي محرمات - فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه }.
علماً بأن النقاب الذي شاع لبسه في الآونة الأخيرة في أوساط النساء - هداهن الله - ليس هو النقاب المعروف في زمن النبي ، فقد توسع نساء هذا الزمن في إظهار العينين وربما بعض الوجه وتجميل العينين ببعض الزينة.. مع ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني وكثرة الخروج لغير حاجة، وعدم التورع من إطلاق البصر يمنة ويسرة، مما حدا بعلمائنا الأفاضل أن يحرّموا لبس مثل هذا النقاب سداً للذريعة وحسماً لمادة الفتنة، فلماذا يصر بعض النساء على لبسه؟ 


ومنهن من تقضي ليالي رمضان - وخاصة العشر - في التجول في الأسواق، وأمام نوافذ الخياطين، وفي أماكن أخرى لا تزيدهن إلا غفلة وبعداً عن الله، وربما خرجن بدون محرم، أو متبرجات سافرات، فيرجعن إلى بيتهن مأزورات غير مأجورات، وكان الأولى أن تستغل هذه الليالي الشريفة فيما يقرب إلى الله عز وجل فالمحروم من حرم خيرها وبرها. 


وأيضاً فمن أبواب الخير الواسعة: قيامها على خدمة الصائمين في بيتها، كما في الحديث عنه : { ذهب المفطّرون اليوم بالأجر } كل هذا غير ما تحتسبه من أن يكتب لها مثل ما كانت تعمل أيام طهرها، ففي الحديث عن النبي : { إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً }.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

رمضان بين العادة والعبادة (صيام المتعودين)


صيــــام المتعـــوديــن

 ذلك الصائم بالعادة لا بالعبادة فحدث عن حاله ولا حرج، وهم في هذا الزمان كثير إلا من رحم الله، جعلني الله وإياكم ممن رحم. قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، فمن هؤلاء من يصوم على الموائد لا على ما يقتضيه الإيمان ويوجبه، فلجهله وقلة فقهه قد لا يفطر لعذر، ولو تضرر بالصوم مع أن الله يحب منه أن يقبل رخصته، ولكن جرياً منه على العاده لا ينظر وهو مع ذلك قد اعتاد ما حرم الله من الزنا وشرب الخمر وأخذ الأموال والأعراض أو الدماء بغير حق، فهذا يجري على عوائد في ذلك كله لا على مقتضى الإيمان. 
  
ومن هؤلاء من إذا صام عن شهواته المحرمة التي اعتاد فعلها في غير رمضان كان صيامه عنها وقتياً فتراه يتحين غروب الشمس متى تغيب ليهرع إلى ما استمراً عليه من شهواته المحرمة، بل ربما بادر بالفطر على شيء من هذه المحرمات كما يفعل بعض المدخنين هداهم الله. 
  
وربما لو صام بعضهم عما أباحه الله من الأكل والشرب والجماع، لكنه في الحقيقة لم يصم عن بقية المحظورات كاللغو والسباب والغيبة والنميمة والغشّ في التعامل والربا والزور والبهتان وسائر العصيان مما حرمه الله على الإطلاق فكيف بحرمته على الصائم، وقد قال النبي : { رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر } 
  
فالصيام قربة ولكن هذا التقرب إلى الله بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب بترك المباحات كان بمثابة من ترك الفرائض ويتقرب بالنوافل، 
ومن هؤلاء أصحاب الصوم بالعادة من تراه يتكلف السؤال عن أمور سكت عنها الشارع رحمة بالأمة وفي جعبته من الكبائر ما يحتاج إلى إصلاحها والتوبة منها، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: { ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم } [رواه البخاري ومسلم]. 
ومن أهل الصيام بالعادة من لم يستشعر لذة الصيام وحلاوة القيام، فإذا أفطر من يومه كأنه انحط عنه ثقل عظيم، فإذا حل الفجر لصيام اليوم التالي عاد إليه ذلك الثقل وزاد عليه الهمّ يحسب لأيام الشهر متى يفرح بآخر أيام الشهر وكأن شهره دهر، وهو كذلك مع القيام في لياليه يحفظ عبارة ( ما هي إلا سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ) وفي المحرمات لم يحفظ ( يعاقب فاعلها ويثاب تاركها ) والصيام عند هؤلاء أيضاً يقطع عنهم لذة التمتع في نهارهم بأكل الحرام وشرب الحرام وارتكاب الحرام مع أنهم في لياليهم لا يتورعون عن ذلك كله، فليلهم يهدم نهارهم، وسيئاتهم تذهب حسناتهم،
فإذا انقضى انتابته سعادة جوفاء باهتة بانقضاء الشهر لا بالفرح بالصيام والقيام، وذلك لأنه لم يصم على سبيل التعبد ولكن على سبيل التعود، فلم يحدث الصيام عنده توبة أو إنابة ولا مزيد طاعة أو عبادة
فما أن ينقضي الشهر إلا ويعود على ما كان عليه من الغفلة والإعراض، وهكذا دواليك زماناً بعد زمان حتى يبادره هادم اللذات كأن لم يثبت فيها إلا ساعة من نهار، ولو فحصت القوم لوجدت أهل العادة أكثر وأهل العبادة قليل، وصدق الله إذ يقول: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ [ص:24].
فهل لك أخي - يا من ترجو رحمة الله - أن تسعى لتكون من القليل، 
جعلني الله وإياك منهم ووالدينا وإخواننا المسلمين.
وختاماً: هَذَا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيعلَمُوا أنَما هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيذّكّرَ أولُوا الألبابِ [إبراهيم:52].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.